azzajabr

Monday, December 27, 2004

مستوطنة

فجأة انقطع النور في غرفتي، ولأول مرة منذ سكنت بيتي هذا أجلس قبالة النافذة مباشرة، ظلامُ حالك خيم على المكان ليس على بيتي فقط بل على البيوت المجاورة، لم تستطع عيوني تجاهل الضوء الوحيد في الحي الذي اسكن فيه، خفق قلبي بسرعة وسقطت دمعة كبيرة لا اعلم كيف كانت تختبئ في مقلتي، لم اكن اعي حجم الكارثة المحيطة بمنزلي، رفت عيني بسرعة غريبة جداً وحدقت النظر ودققت نعم إنها مستوطنة، نعم لا يبعدني عنها سوى قليل من الكيلومترات، فلو أرادوا اغتيال أي فرد من أفراد عائلتي لاستطاعوا وببساطة فقبل ذلك اغتالوا أبيّ ابن الست سنوات وهو في بيته وعلى سريره اغتالوه من المستوطنة ذاتها القريبة من بيتي. ليس خوفاً من الموت بكيت فهذا الموت شهادة، لكني بكيت لأرض قد ضاعت، لوطن مسروق، لأجيال ستأتي وتسأل أين مسكني؟ نظرت إلى ابنتي الصغيرة كانت تصيح من الفرح حين شاهدت ضوء الشموع وكأن الدنيا عيد، حملتها بين ذراعي ووقفت على النافذة نظرت في عيوني وسألت: ماما لماذا لم تقطع الكهرباء على جيراننا؟؟
سقط مني الكلام فجأة وسقط مني التفكير للحظة، لكنها أعادتني إلى الواقع وهي تهزني وتعيد علي السؤال
- يا ابنتي هم ليسوا جيران، هؤلاء أعداء، ألم أخبرك بما فعل اليهود بنا ألم أخبرك كيف سرقوا أرضنا
- لكن لماذا يسكنون في جوارنا؟
- تلك الأراضي التي يسكنوها بالأصل كانت لنا لكنهم احتلوها وأقاموا بيوتهم عليها وسكنوها
- وهل دفعوا ثمنها؟؟
- لا يدفع المحتل ثم ارض يستوطنها (بدت لي كلمة الاستيطان كبيرة على عقل ابنتي)
- يستوطنها؟؟؟ ما معنى أن يستوطنها؟؟
- أي يأتي المحتل إلى أرض ليست له فيأخذها بالقوة لتصبح له ويسكن فوقها
- ولماذا سمحتم لهم بذلك؟؟
- لم نسمح لهم لقد أخذوها بالقوة، ألم تري كيف يقتلونا ألم تري دباباتهم وأسلحتهم؟
سكتت وكأن حديث قوتهم لم يعجبها، سرحت وكأن عقلها الصغير يفتش عن أشياء أكبر منه ليفهمها، قبل ذلك كنت ألوم أبي (رغم انه ولد بعد الهجرة) كيف تركتم أرضنا وهاجرتم؟؟ كان هذا السؤال يلاحقني دوماً لماذا هاجرتم؟ واليوم تسألني ابنتي لماذا تركتم لهم الأرض ليستوطنوها، فيا خوفي غداً من سؤال حفيدي

Monday, December 20, 2004

قتل، دمار، قنابل، حواجز… هل جربتم؟؟؟

في مدينتي الرائعة رام الله التي أعيش فيها منذ طفولتي تلك المدينة التي طالما حلمت في أن احل لغزها فهي في نظري مدينة التناقضات رغم صغر مساحتها إلا أنها تحوي ما تشاء مثقفين جهال متعلمين أغنياء جداً جداً فقراء جداً جداً يسكنها أجانب من جميع الجنسيات فترى في شوارعها الأمريكي الفرنسي الياباني حتى الهندي ووجودهم فيها إما للعمل في سفارات تابعة لبلادهم أو للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
أذكر مدينتي العزيزة خلال الانتفاضة الأولى كنت في المرحلة الابتدائية والإعدادية ولكني أذكر جيداً تلك الأيام حين كان جنود الاحتلال يداهمون مدرستنا ويطلقون النار علينا ونحن داخل الصفوف تلك الأيام لا تمحى من ذاكرتي، حين كانت حقائبنا المدرسية تفتش تفتيشاً دقيقاً وكأننا نحمل بدلاً من الكتب قنابل نووية، كنت اشعر بالقرف الشديد حين يلمس جندي الاحتلال حقيبتي وارجع إلى البيت اجبر والدتي على غسل الحقيبة مراراً وتعقيمها فقد كان لمسه لحقيبتي بمثابة تعذيب نفسي لي. كنا قليلاً ما ندرس في مدارسنا فقد كان الاحتلال يغلقها باستمرار ولكنا كنا نصر على أن نتعلم فيتفق معنا أساتذتنا في المدارس لنجتمع في الجوامع وندرس كان تحدي وما أجمل أن تتحدى وتنجح.
كنت أحس بالكآبة تحوم حول مدينتي فكل يوم شهداء وكل يوم أسرى دخان أسود يتصاعد في السماء ما بالهم إلى متى سيبقون هنا متى ستزول هذه الغمة؟؟ كنت أبكي ولا أعلم لما كان كل شيء يحزنني وكنت أحس أننا منقطعين عن العالم فلا اتصالات ولا بريد وأبي وأمي ممنوعان من السفر لأنهم كانوا يناضلون ضد الاحتلال.
وجاءت أيام الهدوء والسلام فبعد معاهدة أسلو وانسحاب الجنود من المدن الفلسطينية الرئيسية كنا نظن أننا على ضفاف الدولة المستقلة صرنا نرفع العلم الفلسطيني ونحمله بشفع فكم حرمنا منه كان كالمواد الممنوعة تصادر ويعاقب حاملها، لكننا الآن نرفعه وننشد نشيد الوطن في مدارسنا ما أجملها من لحظات بكيت حين رأيت العلم يرفرف فوق مدرستي والكل يردد نشيد الوطن:
فدائي فدائي فدائي يا أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي يا شعبي يا شعب الخلود
بعزمي وناري وبركان ثاري وأشواق شعبي لأرضي وداري
سأحيا فدائي وأمضي فدائي إلى أن تعود…
كنت أدرك حينها أن المسيرة مازالت مستمرة وأن التحرير لم يكتمل وأن الديار لم تعد فهناك حيفا ويافا وهناك قريتنا التي هُجّر جدي منها عام 48 (كفر سابا) والتي لطالما حلمت بها عروساً رائعة الجمال.
وتمر الأيام وتسير الحياة بشكل طبيعي مهرجانات صيفية، رحلات مدرسية، سفر خارج فلسطين، وبعد فترة دخل الانترنت وصرنا نحادث العالم ونشعر أننا جزء منه. ولكن يبدو أن أيام الرخاء لا تستمر في بلادي فيوم اندلاع انتفاضة الأقصى يوما لا ينسى ولكن لم نكن نتوقع أن الأمور ستوصلنا إلى هذا الحد، يبدو أن معادلة هذه الانتفاضة تختلف كلياً عن سابقتها، فهنا أغلقت كل مداخل المدن وأصبح القتل أكثر بكثير وخاصة من الأطفال، لا أنسى يوم علمت باستشهاد الفتى محمد شبل صغير كان عضواً في كشاف أعمل به، صدمت جداً كان ذلك في اول أيام الانتفاضة عجزت وقتها عن قول أي شيء وكانت تلك المرة الأولى التي أسير فيها بجنازة وكانت المرة الأولى التي أحس أن شيء من جسدي قد مات، وصار القتل اليومي شيء من دورة الحياة في مدينتي فهذا الطفل عمرو ابن التاسعة يستشهد من جراء إصابة في عينه قتلته، ذلك الفتى يسكن في الحي الذي أعيش فيه، أبيّ ابن الست سنوات قتل وهو في بيته وعلى سريره أتت رصاصة من مستوطنة قريبه منه، وغيره وغيره حتى أصبحت أحس أن كل شيء في جسدي قد مات ولم يتبقى لدي شيء تمنيت الشهادة كل يوم حتى لا أحزن على من يذهبون ولا يقولوا الوداع.
صار القصف شيء روتيني حتى أن شقيقتي الصغرى قالت لي يوماً أتعلمين لم أعد أستطيع الدراسة بلا قصف وإطلاق نار وكأن الشيء أصبح إدمان.
الطائرات تحوم في سماء مدينتي الحبيبة تلك التي أخبرتكم عنها في البداية ولكن هذه المدينة بقيت محافظة على روحها الطيبة وعلى حياتها فلا أرى الكآبة كما البداية بل أرى تحدي من نوع آخر الجميع يعيشون حياتهم أو يحاولون. يُفرض منع التجول علينا ياههههههه لقد نسينا (ممنوع التجول والي يطلع من بيته بنطخه) هذه الكلمات قد نسيناها ولكنهم أعادوها كما الأمس ولكن يبدو أننا نكبر وتحدينا يكبر بالأمس كنا نتحدى لندرس واليوم نتحدى لنرفع رؤوسنا عالياً، فاليمنعوا التجوال فلن نأبه، وليغلقوا المدن فهذه بلادنا ونحن أعلم بها يغلقون طريق نجد ألف طريق، ونسير فوق الأشواك والوعر وتحت الشمس والمطر، لكنها بلادنا كل شيء بها جميل، وليقتلوا فكلنا فدا الوطن وكل يوم تنبت هذه الأرض أشبالاً وزهرات. يهدمون منازلنا ولا نأبه فكل الوطن منزلنا…


قتل، دمار، قنابل، حواجز… هل جربتم؟؟؟


قتل، دمار، قنابل، حواجز… هل جربتم؟؟؟


في مدينتي الرائعة رام الله التي أعيش فيها منذ طفولتي تلك المدينة التي طالما حلمت في أن احل لغزها فهي في نظري مدينة التناقضات رغم صغر مساحتها إلا أنها تحوي ما تشاء مثقفين جهال متعلمين أغنياء جداً جداً فقراء جداً جداً يسكنها أجانب من جميع الجنسيات فترى في شوارعها الأمريكي الفرنسي الياباني حتى الهندي ووجودهم فيها إما للعمل في سفارات تابعة لبلادهم أو للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.
أذكر مدينتي العزيزة خلال الانتفاضة الأولى كنت في المرحلة الابتدائية والإعدادية ولكني أذكر جيداً تلك الأيام حين كان جنود الاحتلال يداهمون مدرستنا ويطلقون النار علينا ونحن داخل الصفوف تلك الأيام لا تمحى من ذاكرتي، حين كانت حقائبنا المدرسية تفتش تفتيشاً دقيقاً وكأننا نحمل بدلاً من الكتب قنابل نووية، كنت اشعر بالقرف الشديد حين يلمس جندي الاحتلال حقيبتي وارجع إلى البيت اجبر والدتي على غسل الحقيبة مراراً وتعقيمها فقد كان لمسه لحقيبتي بمثابة تعذيب نفسي لي. كنا قليلاً ما ندرس في مدارسنا فقد كان الاحتلال يغلقها باستمرار ولكنا كنا نصر على أن نتعلم فيتفق معنا أساتذتنا في المدارس لنجتمع في الجوامع وندرس كان تحدي وما أجمل أن تتحدى وتنجح.
كنت أحس بالكآبة تحوم حول مدينتي فكل يوم شهداء وكل يوم أسرى دخان أسود يتصاعد في السماء ما بالهم إلى متى سيبقون هنا متى ستزول هذه الغمة؟؟ كنت أبكي ولا أعلم لما كان كل شيء يحزنني وكنت أحس أننا منقطعين عن العالم فلا اتصالات ولا بريد وأبي وأمي ممنوعان من السفر لأنهم كانوا يناضلون ضد الاحتلال.
وجاءت أيام الهدوء والسلام فبعد معاهدة أسلو وانسحاب الجنود من المدن الفلسطينية الرئيسية كنا نظن أننا على ضفاف الدولة المستقلة صرنا نرفع العلم الفلسطيني ونحمله بشفع فكم حرمنا منه كان كالمواد الممنوعة تصادر ويعاقب حاملها، لكننا الآن نرفعه وننشد نشيد الوطن في مدارسنا ما أجملها من لحظات بكيت حين رأيت العلم يرفرف فوق مدرستي والكل يردد نشيد الوطن:
فدائي فدائي فدائي يا أرضي يا أرض الجدود
فدائي فدائي فدائي يا شعبي يا شعب الخلود
بعزمي وناري وبركان ثاري وأشواق شعبي لأرضي وداري
سأحيا فدائي وأمضي فدائي إلى أن تعود…
كنت أدرك حينها أن المسيرة مازالت مستمرة وأن التحرير لم يكتمل وأن الديار لم تعد فهناك حيفا ويافا وهناك قريتنا التي هُجّر جدي منها عام 48 (كفر سابا) والتي لطالما حلمت بها عروساً رائعة الجمال.
وتمر الأيام وتسير الحياة بشكل طبيعي مهرجانات صيفية، رحلات مدرسية، سفر خارج فلسطين، وبعد فترة دخل الانترنت وصرنا نحادث العالم ونشعر أننا جزء منه. ولكن يبدو أن أيام الرخاء لا تستمر في بلادي فيوم اندلاع انتفاضة الأقصى يوما لا ينسى ولكن لم نكن نتوقع أن الأمور ستوصلنا إلى هذا الحد، يبدو أن معادلة هذه الانتفاضة تختلف كلياً عن سابقتها، فهنا أغلقت كل مداخل المدن وأصبح القتل أكثر بكثير وخاصة من الأطفال، لا أنسى يوم علمت باستشهاد الفتى محمد شبل صغير كان عضواً في كشاف أعمل به، صدمت جداً كان ذلك في اول أيام الانتفاضة عجزت وقتها عن قول أي شيء وكانت تلك المرة الأولى التي أسير فيها بجنازة وكانت المرة الأولى التي أحس أن شيء من جسدي قد مات، وصار القتل اليومي شيء من دورة الحياة في مدينتي فهذا الطفل عمرو ابن التاسعة يستشهد من جراء إصابة في عينه قتلته، ذلك الفتى يسكن في الحي الذي أعيش فيه، أبيّ ابن الست سنوات قتل وهو في بيته وعلى سريره أتت رصاصة من مستوطنة قريبه منه، وغيره وغيره حتى أصبحت أحس أن كل شيء في جسدي قد مات ولم يتبقى لدي شيء تمنيت الشهادة كل يوم حتى لا أحزن على من يذهبون ولا يقولوا الوداع.
صار القصف شيء روتيني حتى أن شقيقتي الصغرى قالت لي يوماً أتعلمين لم أعد أستطيع الدراسة بلا قصف وإطلاق نار وكأن الشيء أصبح إدمان.
الطائرات تحوم في سماء مدينتي الحبيبة تلك التي أخبرتكم عنها في البداية ولكن هذه المدينة بقيت محافظة على روحها الطيبة وعلى حياتها فلا أرى الكآبة كما البداية بل أرى تحدي من نوع آخر الجميع يعيشون حياتهم أو يحاولون. يُفرض منع التجول علينا ياههههههه لقد نسينا (ممنوع التجول والي يطلع من بيته بنطخه) هذه الكلمات قد نسيناها ولكنهم أعادوها كما الأمس ولكن يبدو أننا نكبر وتحدينا يكبر بالأمس كنا نتحدى لندرس واليوم نتحدى لنرفع رؤوسنا عالياً، فاليمنعوا التجوال فلن نأبه، وليغلقوا المدن فهذه بلادنا ونحن أعلم بها يغلقون طريق نجد ألف طريق، ونسير فوق الأشواك والوعر وتحت الشمس والمطر، لكنها بلادنا كل شيء بها جميل، وليقتلوا فكلنا فدا الوطن وكل يوم تنبت هذه الأرض أشبالاً وزهرات. يهدمون منازلنا ولا نأبه فكل الوطن منزلنا…


قتل، دمار، قنابل، حواجز… هل جربتم؟؟؟


Saturday, December 04, 2004

طفلي

طفلي
عزة محمد كمال جبر
طفلي صباح الخير، مابك تتمطى أم أنك أعتدت الاستيقاظ على
صوتي، هيا حبيبي هيا نور عيوني، ألقي برأسك على صدري
دعني ألاعب شعرك الأسود باصابعي، دعني أرى وجهك الذي
أصبح جزءاً مني، حبيبي هيا انهض أعدّ لك فطور الصباح
وأشبع أنا من رؤياك ورؤيا عيونك تعانق أمل الغد، تصبح كل
يوم على تغريد الطيور ومثل عصفور الكنار تركض نحو مدرستك
تنشد نشيد الوطن مع رفاقك، تبتسم تلعب تقفز، يطلبك ذاك
لمعونة تهب واقفاً مثل شجرة صلبة، تأخذ درسك وكأنك تأخذ
جرعة من الحياة، تقفز في طريق عودتك إلى المنزل، سلام
لهذا ومساء لذاك يحبك الجميع ولما لا فأنت طير وأجمل
طير، ملاك تمشي وتتطير، تصل البيت تأكل وتدرس درسك تغادر
مع رفاقك تلعبون تقفزون من هنا وهناك لا تغادرون الزقاق
إلا عند سماع أصوات الامهات، تركضون نحو البيوت تعانقون
أمهاتكم، وتأتي عزيزي تسرد كل ما حصل معك ذاك النهار
والجميع مبتسم يسمع ولا يقاطعك أحد سوى أخوك الصغير الذي
يطلق العنان للسانه بالسؤال ولا تبخل أنت عليه بالجواب،
تضع رأسك على وسادتك وتستغرق بالأحلام، تُراك بماذا
تحلم؟؟! بغدٍ تصبح فيه طياراً؟ تصبح فيه طبيباً؟ بماذا
تحلم وماذا ترسم تلك المخيلة الصغيرة؟؟!! تبتسم وأنت
تنام أتراك ترى وردة؟ أتراك ترى شمساً؟ وأنت شمسي وأنت
وردي وكل حياتي. طفلي صغيري أرى بك غدي ومستقبلي منارة
حياتي أنت نور الأمل، بابتسامتك أملك الدنيا، بفرحتك
تفرح الدنيا.
تعاود الاستيقاظ هذا الصباح، لكنه ليس ككل صباح فاليوم
يصبح عمرك ثلاثة عشر ربيعاً، ثلاثة عشر ربيعاً تكبر
أمامي أذكرك اليوم كيف كنت تحاول نطق الأشياء بصعوبة كيف
كنا نضحك حين تخطأ بلفظ بعض الحروف وكيف كبرت أمامي لحظة
بلحظة تحبو ثم تقف تقع وتعاود الوقوف ولا تمل من ذلك،
وما أسرع أن صرت تمشي بكل ثقة تجري من هنا وهناك، ولسانك
لا يسكت فقد أصبحت تنطق كل الأشياء.
وتدخل المدرسة أول يوم تحمل حقيبتك بكل فرح وتجري مع
رفاقك نحو مدرستك وتعود لي كل نهار تحمل معك ابتسامتك
وتخبرني بكل شيء حصل معك وتريني نجمة وضعها لك معلمك،
وأزهو وأفخر أنا بك، يا حبيبي ما أجملك حين تكبر وفرحتي
بك تكبر، يا أول العنقود وأول الثمار ويا أجمل الأطفال،
يا فرحتي الأولى وبسمتي الأولى، من أجلك أحيا وبك أرى
الحياة جميلة، واليوم اليوم بالذات أراك تكبر بسرعة
وغداً ستصبح رجل، أراك اليوم رجل، تأتيني هذا الصباح
تقبل يدي وتمسح عن عيني دمعة قد نزلت لا أعلم لماذا،
لربما أني لا أصدق أنك جزء مني، لم أستطع وداعك هذا
اليوم كم أحببت أن تبقى إلى جواري تحادثني وأرى في عيونك
المستقبل، لكنك خرجت ومر الوقت علي كأنه الدهر وجاء موعد
عودتك هيا عزيزي أين أنت؟ لقد صنعت لك كعكة عيد ميلادك
بيدي، ما الذي أخرك؟ ربما لأني أنتظرك، ولكن هذا أخوك
الصغير يسأل عنك، أنظر من نافذة البيت لعلك من آخر
الشارع تُطل، يطل أول رفيق لك أسأله عنك ولا يجيب يقول
لي لا أعلم أين ذهب؟
عزيزي أين ذهبت؟ لم تعتد الخروج دون أن تخبرني هل
أعاقبك؟ لن أعاقبك اليوم بل سأتركها للغد، ومرت ساعة ولم
تعد بدأ قلبي ينشغل ألم أخبرك مراراً أن قلبي دوماً عليك
ينشغل أم أنك تريد أن تعرف كم أحبك؟
ها يبدو أنك قد عدت هناك أصوات في الخارج، لكنها ليست
أصواتك ورفاقك، أخرج مسرعاً أبحث عنك بين الجماهير
المحتشدة، أين ابني؟ لا أحد يرد، أين هو؟ سرقوك مني
سرقتك يد قناص لا ترحم، أين ابني مازال صغيراً لم يذهب
إلى جبهة حرب!!! لكنهم لا يميزون بين المدرسة وجبهة
الحرب، سرقوك سرقوا معك روحي وحياتي ومستقبلي سرقوا مني
بسمتي سرقوا أول العنقود وأول فرحتي، لم يمهلوك حتى تكمل
يوم ميلادك لم يمهلوك ترسم مستقبلك ولم يمهلوني أراك
رجل، ماذا فعلت لهم بأي شيء قاتلتهم؟ ببسمتك أم
بمستقبلك؟
ذهب هذا الصباح تركض وها أنت تعود لي في المساء تلبس ثوب
زفافك إلى الجنة…..
أراك مازلت تبتسم وأنت نائم!!! لكن بماذا تراك تحلم
الآن!!!!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟