azzajabr

Sunday, February 20, 2005

صيف وحواجز

المكان: حاجز قلنديا الفاصل بين مدينة القدس ومدينة رام الله
الزمان: شهر تموز (7)
الأشخاص:
 أبو محمد طاعن في السن يقارب حوالي الثمانين من العمر أرمل ويعيش كل شهر عند أحد أبنائه ولسوء الحظ أن حاجز قلنديا يفصل بينهم
 محمد ابن أبو محمد يعيش في مدينة رام الله وهو موظف بسيط
 فتى في الثالثة عشر من عمره يعمل على نقل أمتعة المارة بالحاجز على عربة صغيرة
 سعدية امرأة في عقدها الأربعين أرملة وتعول 5 أبناء وثلاث بنات أغلبهم في المدارس تفترش الأرض عند الحاجز وتبيع الخضار
 جندي يبلغ الخمسين من عمره على الحاجز الابتسامة لا تفارقه
 بعض الجنود (منهم المستهتر ومنهم العابس ومنهم المبتسم….الخ)
 بعض الأشخاص الذين يمرون بالحاجز ذهاباً وإياباً
الحدث:
أبو محمد: يابا خلص انت روح أنا بكمل لحالي
محمد: كيف بدي اتركك مش شايف الناس الي قدامك كيف بدك تمشي حالك
أبو محمد: وشغلك شو بدك تعمل فيه
محمد: ما تخاف أنا اخدت إجازة اليوم لأني عارف انه يوم طويل
أبو محمد: الله يرضى عليك وعلى أخوتك أنا دايما مغلبكم معي بس شو اعمل بشتاق لولادكم وبحب أشوفهم كلهم
محمد: ما تحكي هيك يابا هاد واجبنا
(أصوات سيارات وأصوات باعة هنا وهناك، وصراخ جنود الاحتلال وبين الحين والآخر إطلاق قنابل صوتيه لإخافة المتواجدين)
سعدية: يا خوي اشتري مني ترى الي بشتري مني الله بسهلها بوجهه وبمر على الحاجز بسرعة
(البعض يضحك)
محمد: طيب اعطيني ربطة نعنع
سعدية: يا ابني خليها تفتح قدامك منيح خدلك ربتطين
محمد: والله ما أنت مفشلة
أبو محمد: يابا انا حاسس انه الناس ما بتمشي قدامنا وكانه السير وافق شو همه ما بمشوا حد
محمد: والله وأنا عارف شكلهم مش مرقين حدا
(تمر ساعة تلو الساعة الحر بدأ يزداد وأبو محمد بدأ التعب الشديد يحل به)
أبو محمد: بتعرف يابا أنا كنت دايما احكي ما في احسن من شمس بلادنا بس أول مرة بحس أنه شمس بلادنا بتحرق لهدرجة
محمد: هاد لأنها عمودية فوق روسنا وما في اشي نتظلل فيه
أبو محمد: الله ينتقم منهم، الله يهدهم، الله …..
شخص من المارة: يا حج بكفي دعاوي النا من يوم ما احتلونا واحنا بندعي عليهم وشو صار فيهم ولاشي كل يوم بيزيدوا قوة
أبو محمد: وهو في بإيدنا غير الدعاء يا ابني
(محمد ينظر إلى الأمام يرى الجنود يمازحون بعضهم البعض ولا أحد منهم ينظر إلى الواقفين على الحاجز كل ينتظر دوره للمرور)
يتقدم بضع خطوات إلى الأمام ينظر له الواقفون بعين من الغضب حسبهم انه سيأخذ دورهم لكنه يخبرهم أن والده طاعن في السن ولا يستطيع أن يقف تحت الشمس طيلة هذه المدة فيسمحوا له بالمرور واجتيازهم مع والده، يصل إلى الجندي على النافذة *الحاجز عبارة عن ممر طويل بعض الشيء مكشوف من جميع النواحي وفي ناهية الممر يوجد نافذة يطل منها الجندي ويتفحص الأوراق*
محمد للجندي: يعطيك العافية
الجندي (بعربية متقنة جدا): اهلا الله يعافيك
محمد: انتو مطولين
الجندي: ليش
محمد: أبوي متل ما انت شايف كبير في السن ومش قادر يضل تحت الشمس هيك
الجندي: المشكلة انا والله بدي اساعدك بس في اخبارية أنه في انتحاري بدو يمر عن الحاجز وفي اوامر ما انمشي أي حد
محمد: طيب ما بتقدر تمشينا والله الحج تعب وخايف يروح من بين إيدي
الجندي: لا ما في بإيدي اشي هاي اوامر من فوق وانا كلي جندي احتياط ما بقدم ولا بأخر
(محمد يعود بعد أن فقد الأمل ووالده يتعكز عليه، ويتصبب عرقاً)
أبو محمد: بس لو هالشمس تخف شوي
محمد: هيك حظنا يكون اليوم حر كتير شو نعمل، بس بتعرف الجندي شكله تعاطف معانا
أبو محمد: هدول ما بيعرفوا عطف ولا شي
(يقفون مرتكزين الى صخرة صغيرة بالقرب من سعدية بائعة الخضار وينظرون باتجاه الجدار الفاصل)
محمد: شكلي راح ارجعلك النعنع يا حجة
سعدية: ليش يا ابني
محمد: لانه هينا لسه مكانا
سعدية: اصبر اصبر أنا هون الي من يوم ما فتحوا الحاجز وفي أيام أسوء من هيك احمد ربك
محمد: الحمد لله
أبو محمد: طيب يعني يا حجة في امل انهم يخلونا نطلع
سعدية: توكل على الله يا حج هدول كل ساعة برأي، أنا صرت خبيرة حواجز
محمد: وليش ما بتروحي تبيعي في الحسبة (الحسبة مكان لبيع الخضار)
سعدية: والله يا ابني هون افضل الناس راحية جاي ما انت شايف الحاجز صار سوق الكل بدو يترزق
محمد (يتمتم): مصائب قوم عند قوم فوائد
(ينظر محمد نحو والده يرى انه قد ارهق تماما)
محمد: شو رأيك نرجع وبكره بنرد بنحاول
أبو محمد: وبدك اتضيع كمان يوم من اجازتك والله حرام خلينا نستنى كمان شوي
محمد: بس انت تعبان على الاخر
أبو محمد: ما انت شايف يابا في كتير غيري تعبوا الصغار والكبار والي بصير على الناس بصير علينا
محمد: (ينظر الى السماء) بس لو يخف الحر شوي
(يسمع صوت اطلاق قنابل الصوت يرجع الناس إلى الوراء بصورة عشوائية ويتدافعون لأن الجنود يركضون باتجاههم، محمد يحاول ان يمنع أحد من الاقتراب من أبيه ولكن هيهات الكل يتدافع)
جندي (صغير السن): تعال هون انت
(يصرخ في فتى صغير لم يتجاوز الثالثة عشر يعمل على نقل امتعة الناس بعربة صغيرة، يرتعد الطفل ويترك عربته ويتجه باتجاه الجندي)
الطفل (بصوت خافت): نعم
الجندي (يصرخ): تعال قرب هون
(يمسك بملابسه ويرفعه عن الارض ويعيد ضربه فيها بقسوة)
الجندي: مين بعتك
الطفل: مين بعتني وين
الجندي: ولك ما تدور وتلف اخكيلي مين بعتك
الطفل: والله ما حد بعتني
(الجندي يقتاد الطفل بوحشية نحو مركز الجنود، وجندي آخر يأخد عربته، والجنود يبعدون الناس عن مركز الحاجز، وفجأة يسمع صوت انفجار قوي، وبعدها يفتح الحاجز ويمر أبو محمد وأبنه والبقية وأصوات الباعة تعلو وكأن الشيء الذي حصل منذ قليل لم يحصل، وبعد مرورهم بالحاجز يرون الطفل مقيد اليدين والجنود حوله ولا يعرفون ما حصل، في اليوم التالي يقرءون في الصحف عن طفل يحمل 10 كيلو من المتفجرات على حاجز قلنديا العسكري،
وفي كل مرة تمر في حاجز قلنديا ترى حكايات وحكايات